سورة المائدة - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


أوفوا بالعقود: أنجِزوها. العقد كل اتفاق بين اثنين فأكثر. البهيمة: ما لا ينطق من الحيوان. الانعام: البقر والابل والغنم وما أُحل من الحيوان البريّ. حُرم: جمع حرام وهو المحرم بالحجّ أو لِعمرة.
يا أيها المؤمنون، حافِظوا على الوفاء بالعقود التي بينكم وبين الله، والعقود المشروعة التي بينكم وبين الناس. فعلى كل مؤمن ان يفي بما عقده وارتبط به من قول أو فعل. وكل عقد، وكل وعد، وكل عهد، وكل ميثاق انما هو عقد بين طرفين اللهُ ثالثهما، فمن نقضَه فقد أخل بالوفاء مع ربه.
فالزواج عقد، الوفاء به حُسن المعاشرة وتركُ المضارة. والبيع عقد، والوفاء به عدم الغش وحُسن المعاملة. والوعد عقد، والوفاء به انجازه.. وهكذا سائر الاتفاقات التي تحمل بين طياتها حقوقها والتزامات.
إن هذا القرآن الكريم نُزّل على محمد لينشئ أمة، وليقيم دولة، وليربّي ضمائر وأخلاقاً وعقولا، ولينظم مجتمعاً ويحدّد روابطه مع غيره من المجتمعات والأمم. ذلك هو الدين كما هو في حقيقته عند الله، وكما عرفه المسلمون أيامَ كانوا مسلمين.
وقد أحلّ الله لكم أكل لحوم الأنعام من الإبل والبقر والغنم وجميع الحيوانات الوحشية الا ما ورد النص بتحريمه.
ولا يجوز لكم صيدُ البّر إذا كنتم حرِمين بالحج أو العمرِِة، أو كنتم داخل حدود الحرم. ان الله يستنّ ما يريد من الأحكام، فهي تصلح شئونكم وتناسب مصالحكم.


شعائر الله: معالم دينه ومنها مناسك الحج. الهَدي: ما يُهدى إلى الحرم من الأنعام ليُذبح فيه. القلائد: ذات القلائد من الهَدي، والقلادة ما يعلَّق في عنق الحيوان علامةً على أنه هَدي للحج. آمين: قاصدين. لا يَجْرِمنّكُم: لا يحملنكم. شنئان: شدة البغض.
يا أيها المؤمنون: لا تستبيحوا حرمة شعائر الله فتتصرفوا بها كما تشاؤون. ان مناسكَ الحج من هذه الشعائر، فحافِظوا عليها، ولا تتهاونوا في تعدّي حدودها.
كذلك الشهرُ الحرام.. لا تنتهكوا حرمة هذه الأشهر، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، فلا تحاربوا فيها.
ولا تعترضوا الهَدي باعتصابه أو منع بلوغه محلَّه، ولا تنزِعوا القلائد من أعناق الأنعام المهداة للحج ولو كانت لأعدائكم.
وكذلك لا تعترِضوا الذين يقصدون بيت الله، يبتغون فضلاً منه ورضا. وأياكم أن تصطادوا وأنتم في الحرم. ليس ذلك لكم. فإذا تحللتم من الإحرام فاصطادوا إن شئتم. ولا يجوز ان يدفعكم بغضكم الشديد لقومٍ سبق أن صدّوكم عن المسجد الحرام إلى أن تعتدوا عليهم. وتعاونوا أيها المؤمنون على عمل الخير والطاعات، لا على المعاصي والاعتداء على الناس. واتقوا الله بالسير على سُننه التي بيّنها لكم في كتابه حتى لا يصيبكم عقابه، انه شديد العقاب.
قراءات:
قرأ ابن عامر، واسماعيل، عن نافع، وابن عياش عن عاصم {شنئان} بسكون النون، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {إن صدوكم} بكسر الهمزة.


الموقوذة: التي ضُربت حتى ماتت. المترديّة: التي سقطت من مكان عالٍ، أو في بئر، وماتت. النطيحة: التي نطحها حيوانٌ آخر فقتلها. مخصمة: جوع. متجانِف: منحرف، مائل.
يبين لنا هنا عشرة أنواع أكلُها محرَّم: لحم الميتة: وهي الحيوان الذي مات من غير ذبح شرعي. ولا يموت الحيوان إلا من مرض، وهذا المرض يجعل لحمه مضرّاً، والله تعالى لا يحب لنا الضرر. وكان العرب يأكلون لحم الميتة ويقولون: لِمَ تأكلون ما قتلتُم ولا تأكلون ما قتل الله!؟.
الدم: وكان العرب يأكلونه.
لحم الخنزير.
ما أُهل لغير الله: ويعني ما ذُكر اسمُ غير الله عند ذبحه. كلّ حيوان مات خنقا.
الموقوذة: وهي التي ضُربت حتى ماتت. وما سقط من مكان عال فمات. وما نطحه آخر فمات. وكل حيوان افترسه السبع فمات. الا ما ادركتموه قبل ان يموت، فذبحتموه، فهو حلال لكم بالذبح. وكل حيوان ذبح للنُصُب والأصنام.
ويحرم عليكم ان تستقسِموا بالأزلام، وهي أعواد ثلاثة كان الجاهليّون يطلبون بواسطتها معرفة المغيبات. كان يُكتَب على أحدها (أمرني ربي) وعلى الثاني (نهاني ربّي) ويُترك الثالث دون كتابة. فكان من أراد سفَراً، أو زواجاً أو غير ذلك يأتي سادنَ الكعبة ويقول له: استقسِم لي، أي اعرِف لي ما قسم الله لي. فيُخرج السادن هذه الأعواد ويحرّكها في كيس أو جراب ثم يسحب واحداً. فإذا خَرج الذي عليه (أمرني ربي) أقدم الرجل على ما نوى، واذا خرج الذي عليه (نهاني ربي) امتنع عن العمل. وان خرج الثالث واسمه الغُفْل أعاد السحبَ من جديد.
وهذا وما شابه من الخرافات والأوهام لا يركن اليها الا ضعيف لعقل والإيمان. وقد حرّمها الإسلام {ذلكم فِسْق}، فهي خروج عن طاعة الله، فامتنِعوا عنه.
{اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ}
انقطع رجاؤهم في القضاء عليكم، فلا تخافوا ان ينقلبوا عليكم واتّقوا مخالفة أوامري.
{اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ..}
نزلت هذه الآية يوم الجمعة، بعرفة، في حجة الوداع، {وأتممتُ عليكم نعمتي} بإعزازكم وتثبيت اقدامكم، {واخترت لكم الإسلام دينا}.
روى الطبري في تفسيره ان النبي عليه السلام لم يعشْ بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام، فكانت آخر ما نزل من القرآن.
ونعود الآن إلى عطف على آية التحريم، لنجد ترخيصاً فيه منطق وتيسير. إنه يقول: لقد عددتُ المحرّمات، لكن من الجأته الضرورة إلى تناول شيء منها ففعَل، لدفع الهلاك عن نفسه، غير متعدٍّ ذلك الحد، ولا منحرف عن أوامر الله فلا إثم عليه ان يأكل. ان الله يغفر له، فالضرورات تبيح المحذورات.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8